حَلَاوَةُ الرُّوحِ
أَوْرَاقُ مِنْ أَمْسِ اسْتَعَادَتْ ذِكْرَيَاتٍ ...
دَاهَمَتْ خَلَجَاتِ صَدْرٍ بِالوَفَا
هَبَّ الحَنِينُ كَصَرْخَةِ المَكْلُومِ لَو طَالَ الرَّجَا
وَ اسْتَيْقَظَتْ فِيْهِ المَوَاجِعُ تَشْتَكِي
أَيْنَ الصِّبَا وَلَّى وَ أَزْهَارُ الشَّبَابِ وَ شَدْوُهُ!؟
كَيْفَ انْطَوَتْ وَ بِدُوْنِ أَنْ تَسْتَشْعِرَ الأَيَّامَ تَمْضَي خُفْيَةً
وَ هَوَى الزَّمَانُ عَلَى بَقَايَا أُمْنِيَاتٍ بِالوَفَاءِ ، فَفَضَّهَا
قَدْ كَانَتِ الغِيْطَانُ ، وَ الأَدْوَاحُ بِالخِلَّانِ عِشْقًا تَلْتَقِي
نَسْعَى إِلَيْهَا بِالْمُنَى
كَالنَّحْلِ وَ الأَزْهَارِ فِي وَسَطِ الرُّبَا
وَ النِّيلُ جَارٌ قَدْ صَفَا وَ كَأنَّهُ يَزْهِي بِنَا
إِيْهٍ زَمَانٌ قَدْ جَفَا
ارْوِ المَسَا بِالذِّكْرَيَاتِ لِعَلَّهَا تَرْوَي الحَنِينَ ، وَلَهْفَةً
الْقَلبُ لَو عَلِمَتْ قُلُوبٌ مَا بِهِِ ، لَتَدَافَعَتْ سَلْوى إَلَيْهِ وَ رُفْقَةً
مِنْ كَرْبِ أَقْوَامٍ بِأَرْزَاءِ الحَيَاةِ تَنَفَّسَتْ
قَوْمٌ جِيِاعٌ كَالذِّئَابِ طَلِيْقَةٌ
سَيْلُ الدِّمَاءِ بِكُلِّ وَادٍ قَد جَرَى
حِقْدٌ وَ شَرٌّ فِي قُلُوبٍ قَد سَرَى
وَ ضَمَائِرٌ مِلْكُ الغَوَى
وَ تَبِيعُ أَرْوَاحًا لِأَجْلِ دَرَاهِمٍ
وَ قَدِ اغْتَلَتْ صَرَخَاتُ أَطْفَالٍ بِأَدْوَاءٍ هَوَتْ
تَعِبَ الفُؤَادُ مِنَ السُّؤَالِ عَنِ الدَّوَا
لَكِنَّمَا
لَا يَعْرِفُ الآسُونَ مَا بِالْقَلبِ مِنْ أَشْجَانِهِ
وَ الظَمْأُ لَا يَرْوِيهِ غَيرُ المَاءِ مَهْمَا قَدْ سَلَا
يَا دَهْرُ لَا يُثْنِيْكَ دَمْعُ العَيْنِ عَنْ رَجْمِ المُنَى
لَوطَافَ سَعْدٌ بِامْرِءٍ ، مَا دَامَ فِيْهِ وِصَالُهُ
أَو أُعْلِنَ الْعِصْيَانُ عَنْ إِرْضَائِهِ
سَعْدُ القُلُوبِ بِطُُهْرِهَا ، وَ نَقَائِهَا
لَيْسَتْ بِجَاهٍ ، أَو بِمَالٍ لَو كَثُرْ
عَيْشٌ عَلَى الذِّكْرَى بِقَلْبٍ قَد وصَفَا
يَجْنِي الرِّضَا وَ سَعَادَةً ، وَ حَلَاوِةِ الرُّوحِ الَّتِي تَسْمُو بِهِ
وَ كَمَنْ غَنَى بِتِجَارَةٍ